sábado, 12 de mayo de 2007

DRISS JEBROUNI /CONFLICTOS ETNICOS y CULTURALES EN EL MUNDOالنزاعات العرقية والثقافية في العالم/ادريس الجبروني/

ترجمة / ادريس الجبروني المصمودي

جريدة الاتحاد الاشتراكي/1995

النزاعات العرقية و الثقافية في العالم

إن التعريف الذي يعطى بصفة عامة للنزاعات العرقية هو المواجهة العنيفة التي تحدث بين

جماعتين أو أكثر، وتكون الاختلافات والفوارق بينهما في الثقافة، أو في الدين، أو على مستوى الصفات والمميزات الجسمانية، أو اللغوية.

لقد أصبحت النزاعات العرقية في السنوات الأخيرة هي الشكل الشائع للعنف الجماعي والسبب الرئيسي لتعاظم مشكلة اللاجئين. في سنة 1988 وجدت نفسها جماعات تكون الأقلية أو الأكثرية داخل وطنها متورطة في أغلبية النزاعات العرقية التي بلغت 111 نزاعا في العالم. في شهر يوليوز من سنة 1993 لم يحدث في العالم أقل من 25 مواجهة عرقية عنيفة، مثل القتل الجماعي، والاعتداءات الإرهابية، والجرائم والنهب، والاغتصابات، والطرد الإجباري، والإعدام، وأعمال عنف أخرى لجأت إليها هذه الجماعة أو تلك، أو كلاهما كوسيلة للوصول إلى تحقيق أهدافهما.

بالإضافة إلى هذا، هناك عشرات النزاعات العرقية التي لا تقوم أساسا على العنف، كما أن هناك مئات الأمثلة للقمع السياسي والاقتصادي والثقافي الذي يمكن أن تنتج عنه مواجهات مفتوحة وعنيفة. وإن كنا نولي اهتماما كبيرا للنزاعات الدامية العنيفة الطويلة المدى : الكاثوليك والبروتستانت في إيرلندا الشمالية، والصرب والمسلمون، والبوسنيون والكروات في البلقان، والتاميل في سيريلانكا والسينغال CINGAL في سيريلانكا والأكراد في الشرق الأوسط، والأرمينيون والإزيريون في ناغورنو –كاراباخ- فيجب علينا أن لا نتجاهل وننسى أن هناك عددا كبيرا من النزاعات التي لا يستعمل فيها العنف، ولكنها في الواقع تكون منبت وبذرة العنف غالبا ما يفسر بالقمع السياسي، اقتصادي أو ثقافي ضد الأقليات العرقية، ويتضمن تقييد ممارسة التصويت في الانتخابات، والضرائب الباهظة والحرمان من بعض المهن والوظائف والإقامة المعزولة، والحصص التربوية، والمنع من استعمال اللغة العرقية، ووضع القيود على الشعائر الدينية.

في دراسة أنجزت سنة 1989 تم إحصاء 261 جماعة تكون الأقلية (أغلبيتها عرقية) هم ضحايا هذا القمع، في 99 من مجموع 126 بلدا، الشيء الذي يعني أن العلاقات العرقية سيكون لها مستقبل طويل وعنيف في العالم.

إن النزاعات العرقية غالبا ما يتولد عنها ما هو أكثر من صدام بسيط بين جماعات عرقية مختلفة. وفي بعض الأحيان تتواجه فيها طوائف تنتمي إلى نفس الجماعة، ودائما ما تتدخل فيها أو تجد نفسها معنية أمم وشعوب أخرى في سيريلانكا، مثلا، نجد أن النزاع بين السينغال CINGAL والتاميل نتج عنه القتل والاضطراب بين طوائف سياسية تنتمي إلى نفس الجماعة وتولد عنه العنف ضد المسلمين في سيريلانكا. ونفس الحالات وقعت في إيرلاندا الشمالية، وفي أزربيجان وفي جهات أخرى التي انفجر فيها الصراع بين الخصوم السياسيين وأتباعهم من أجل الحصول على النفوذ والسلطة. كثيرا ما يقوم الخلاف السياسي الأساسي بين هذه الطوائف التي تنتمي إلى نفس الجماعة العرقية على أن بعضها يساند الحلول السلمية التي تراهن على الاتفاقيات والأخرى التي تقوم على العنف والسيطرة.

وعلى المستوى الدولي، فإن النزاعات العرقية تنتهي بتورط بعض الدول أو شعوب بعض البلدان التي لا تتدخل مباشرة في –الصراع-.

إن الصراعات العرقية، مثلا، أصبحت هي المصدر للجوء وتنقل الأشخاص الذين يبحثون عن الأمن في بلدان غير معنية، أو يلجؤون إلى تلك البلدان التي تدافع عن مصالحها، أو توجد فيها ساكنة عرقية واسعة متحالفة معها. وهؤلاء اللاجؤون الذين يلجؤون بأعداد كبيرة يخلقون متاعب ومشاكل اقتصادية واجتماعية وسياسية للبلد المضيف الذي يستقبلهم، وفي بعض الأحيان يمكن أن يخلق وجودهم صراع عرقي وكراهية الأجانب في نفس هذا البلد، وهذا العبء يمكن أن يدفع البلد المستقبل في أن يرغب في إيجاد الحلول في أقرب وقت ممكن لهذا الصراع الخارجي والتخلص منهم.

بالإضافة إلى استقبال اللاجئين، فإن البلدان المهتمة بالنزاع العرقي أو التي لها روابط عرقية بإحدى هذه الجماعات العرقية يمكن أن تختار التورط في هذا الصراع بطريقة مباشرة، أو يمكنها أن تقدم المساعدات لجماعة عرقية، مثل ما يفعله البريطانيون في إيرلندا الشمالية، تركيا واليونان في قبرص، أو الهند في سيريلانكا الخ... بالإضافة إلى هذا، هناك حكومات بعض الدول تعلن رسميا الحياد ولا تتورط في النزاع، فإن مواطنيها كثيرا ما يساندون ويقدمون المساعدات للجماعة العرقية التي ينتمون إليها والقاطنة في بلدان أخرى وكمثال على هذا، المساندة والدعم الذي يقدمه يهود العالم لدولة إسرائيل والأمريكيون الذين ينحدرون من أصل إيرلندي يفعلون نفس الشيء مع الإيرلنديين الكاثوليك في "الأولستير". كثير من الناس لهم روابط عميقة مع الوطن الأم، ويترجمون شعورهم التضامني العرقي إلى مساندة سياسية ودعم اقتصادي في حالة ما إذا كان أمن بلدهم الأصلي في خطر.

ليست كل النزاعات العرقية متشابهة، بل كل نزاع يأخذ شكلا مختلفا. وهناك ميزة أساسية لكي نفرق بين النزاعات التي تبرز في حالات ليس لها نظام هرمي ومقابلتها مع الحالات التي لها نظام هرمي، في الحالة الأولى تكون للجماعات العرقية سلطة نسبيا متكافئة، أو هكذا تتصور كل واحدة منهما العلاقة التي تحكمها وتحكم فيما بينهما. وفي الحالة الثانية، تكون الجماعات العرقية التي تقطن وطنا واحدا منتظمة وفق تراتبية السلطة. من المنطقي أن تكون النزاعات العرقية شائعة ومراقبتها وضبطها صعبة جدا من الحالات التي لا تخضع لنظام هرمي، حيث إن الجماعات تتصارع وتتنافس من أجل الثراء والسلطة، وحيث لا توجد جماعة لها ما يكفي من القوة لقمع الجماعات الأخرى.

كذلك يجب علينا أن نميز بين النزاعات التي تحدث بالدول التي توجد في طريق النمو وبين تلك النزاعات التي تبرز في العالم الصناعي. في الحالة الأولى تكون الجماعات العرقية عامة تتصارع وتتنافس على السيطرة السياسية، بينما في الحالة الثانية تقوم فيها الحركات الانفصالية للأقلية العرقية بمواجهة القمع الحكومي. ويمكننا أن نضع تمييزا ثالثا بين مختلف أنواع النزاع العرقي العنيف الذي يقوم على أساس أهداف المشاركين فيه. ومن هذا المنظور فإن النزاعات العنيفة التي تحدث حاليا في عالم اليوم يمكننا أن نصفها ونقسمها إلى أربعة مستويات :

الحركات الانفصالية

في الحركات الانفصالية يكون العنف نتيجة للمجهود الذي تبذله جماعة عرقية للحصول على الاستقلال السياسي، أو يكون نتيجة المجهود الذي يقوم به بلد لمنع تلك الجماعة من تحقيق هدفها، مثل الأمرمينيين في أزربيجان، والباسك في إسبانيا وفرنسا، والكاثوليك في إيرلندا الشمالية، والإبزاسيين والأوسيط في جيورجيا، والفلسطينيين في إسرائيل (والأراضي المحتلة من طرف هذا البلد)، والكاشميريين في كاشمير، والأكراد في إيران والعراق وتركيا، والسيخ في الهند، والتبتيين في الصين، والتيمور في إندونيسيا، والتاميل في سيريلانكا.

النزاع من أجل الحصول على الحكم الذاتي، أو السلطة السياسية أو المراقبة الترابية

العنف هنا يأتي نتيجة نزاع بين جماعات عرقية في وطن واحد أو بين جماعة عرقية والحكومة من أجل مراقبة الموارد الاقتصادية، والسلطة السياسية، أو من أجل الحصول على الحكم الذاتي. عندما تكون أهداف جماعة عرقية تريد الحصول على الاستقلال الذاتي، أو تحقيق السلطة والثراء صعب المنال، تنزع هذه الجماعة إلى تحديد أهدافها وتتحول إلى حركة انفصالية، وفي هذا الصدد يمكن أن نذكر الألبان في صيربيا، والمجريين في رومانيا، والشيشان / الإنغوش في روسيا، والأصوليين المسلمين في الجزائر ومصر، و"الإغبو"، و"الهاوسا" و"يوروبا" في نيجريا، و"الهوطو" و"الطوطسي" في رواندا وبوروندي، و"الكالجين"، و"لوو" و"كيبويو" و"لوهيا" في كينيا، و"كسوسا" وجماعات أخرى و"زولو" في جنوب إفريقيا، و"البودو" و"الهندوس" والمسلمين في الهند، و"شاكا" في بانغلاديش.

الغزو

يكون العنف في هذه الحالة في إطار حرب بين أمتين أو عدة أمم تتكون من عدة جماعات عرقية حيث تكون فيها الفوارق العرقية هي العامل الأساسي والهام. والهدف من الحرب هو هزم الجماعة العرقية الأخرى أو طردها من جزء أو من جميع الأراضي التي تعيش فيها. هذه الحالة تعكس لنا قضية الصيرب والمسلمين البوسنيين، ومن جهة أخرى الكروات والصيرب.

من أجل البقاء

العنف هنا يبرز كجزء من محاولة الحكومة الوطنية أو جماعة عرقية تشكل الأغلبية لاستيعاب بالقوة جماعة عرقية تكون الأقلية أو طردها أو نقلها إلى جهة أخرى أو إلحاق الضرر بها، مثل الأتراك والألمان من الأصل الجرماني بألمانيا، والغجر برومانيا، والمسلمين الشيعة بالعراق، والأقباط بمصر والنيباليين "ببوطان"، والمسلمين "بميانمار" و"الفيتناميين" بكامبوديا، والهنود الحمر بالبرازيل.

لماذا تتصارع المجموعة العرقية ؟ لا يوجد اليوم جواب مقنع وشاف عن هذا السؤال، ونظرا لوجود عدة أنواع من الصراعات العرقية، وتعدد حالات النزاعات العرقية، فإن هذه المسألة تتطلب إعطاء عدة أجوبة على المدى الطويل مرتبطة فيما بينها.

عندما نحاول تفسير أسباب النزاع العرقي بصفة عامة وكذلك النزاعات التي لها خصوصيات، فإننا نحتاج إلى أخذ في اعتبارنا الطبيعة الأساسية وقوة الروابط العرقية، والعوامل الظرفية التي يمكن أن يتولد عنها التضامن أو المنافسة العرقية، وكذلك الأسباب الراهنة التي صاغتها تلك الجماعات. وبالنسبة للمظاهر الإثنولوجية، يذكرنا الخبير في الشؤون السياسية "دونالد هورويتز" بأن التضامن العرقي له قوة عظيمة، ومخترقة، وعاطفة قوية. بالإضافة إلى أن هناك بعض الباحثين لهم طرح بيولوجي، يشيرون إلى وجود دوافع قوية من التضامن أو المنافسة العرقية التي لها جذور في التطور البيولوجي البشري، ولذلك لا يجب علينا أن نستغرب من الصراع التي تخوضه جماعة عرقية من أجل السيطرة على جماعة عرقية أخرى ولحماية مصالحها الخاصة.

وهناك خط فكري آخر، يقول بأنه في العقود الأخيرة ظهرت في بلدان كثيرة جماعات عرقية وأخرى برزت من جديد كجماعات لها مصالح، توحد أعضاءها قصد الحصول على النفوذ السياسي والاقتصادي.

في المدة الأخيرة، ظهرت مجموعة من العوامل الظرفية التي أثارت الانتباه إلى وجود أسباب متعددة وراء النزاع العرقي، من ضمنها نهاية الدولة المركزية في الدول الشيوعية سابقا، ونهاية عهد الاستعمار ونهاية أنظمة شبيهة بالنظام الاستعماري في افريقيا وأسيا، وظاهرة المطالبة بالديمقراطية، وعدم المساواة الاقتصادية بين الجماعات العرقية، داخل البلد الواحد.

هناك عدد كبير من الخبراء الذين يعتقدون حاليا أن أغلبية النزاعات العرقية يتعذر إيجاد حلول لها، وأنه يجب على المجموعة الدولية والحكومات الوطنية في هذه الدول أن تستثمر مواردها وأن تراقب وتضبط هذه النزاعات بدل الإجهاد في البحث عن الحلول. والتجربة الحديثة أبانت عن أن هذه النصيحة صائبة، وإن كانت المجهودات لحل النزاعات العرقية تفضي إلى اتفاقيات، غالبا ما تكون شكلية، والتي نادرا ما يتولد عنها سلام ووفاق دائمان. مثل النزاعات العرقية بقبرص، وإيرلندا الشمالية، والبوسنة، وسيريلانكا وشمال غرب الهند، بعد حلها عن طريق الاتفاقيات انفجرت من جديد واستمرت. وأغلبية النزاعات العرقية تنتهي فقط بسحق وإخضاع أو طرد جماعة عرقية لأخرى، ومن البديهي أن هذا الحل لا يرضي الخاسر الذي يكون مستعدا للدخول من جديد في النزاع حين تسمح الفرص والظروف بذلك في المستقبل، وهو ما يمكن أن يحدث بعد عدة عقود. إن النزاعات العرقية يستعصي حلها لعدة أسباب، علينا أن نتذكر فكرة "دونالد هورويتز" : "التضامن العرقي له قوة عظيمة، ومخترقة، وعاطفة قوية".

ثانيا، إن المصالح التي توجد وراء النزاع العرقي هي بالنسبة للمتصارعين، أو حسب اعتقادهم ذات أهمية قصوى : البقاء على قيد الحياة والحفاظ على وجود الجماعة العرقية، والسيطرة وإخضاع جماعة عرقية لجماعة أخرى. هذه هي القضايا التي يتولد عنها التضامن العرقي القوي الذي وصفه "هوروتيز"، ومن أجل هذه القضية يكون أفراد الجماعة العرقية على استعداد للموت أو القتل من أجل قضيتهم.

ثالثا، إن الصراعات العرقية ليست نزاعات بسيطة من أجل أهداف واضحة وظاهرة، بل ينتج عنها كذلك كراهية للأجانب وشعور بالإثنومركزية، ورموز تتجلى في ردود الفعل مثل البحث عن كبش الفداء، ونماذج تنزع إلى جعل هذه النزاعات مستعصية على الحل بطريقة عقلانية.

رابعا، إن التجربة الدولية لم تطرح حتى الآن إلا بدائل قليلة لحل النزاعات العرقية في البلدان وفي الجهات المتعددة العرقيات والأجناس. وربما أن الولايات المتحدة هي البلد الوحيد الذي له رأي يقول بأن البلد الذي تزداد قوته هو ذلك يستوعب وتندمج فيه جميع العناصر العرقية وتكون مجموعة وطنية واحدة، وإن كان الهدف لم يتحقق بعد. وهناك بلدان أخرى اختارت النموذج التعددي الذي تتقاسم فيه السلطة جميع المجموعات العرقية فيما بينها، ولكن من بين هذه الدول نجد "كندا" التي تعاني من حركة انفصالية "فرنسية – كندية"، و"سويسرا" حيث توجد حركة "جورا" التي تطالب بالحكم الذاتي. وإن كانت "بلجيكا" و"موريس" متحررة من النزاعات العنيفة، فإن هذه البلدان إلى جانب "سويسرا" تعتبر حالات فريدة لا تمثل نموذجا بالنسبة لأغلبية البلدان الأخرى.

خامسا، إن الحقوق والنزاعات العرقية ليست معترف بها قانونيا، وليست هناك قانون ينظمها على المستوى الدولي، ويتم التعامل معها إلى حد ما كقضايا داخلية على الدولة المعنية أن تحلها. وما يؤسف له هو أنه في غالب الأحيان نجد الدولة المعنية تتدخل مباشرة في هذه الصراعات أو ترى من مصلحتها أن تهزم هذه الجماعة وتنتصر على الأخرى. ولذلك تكون الدولة دائما وباستمرار مهتمة ومعنية كطرف إلى جانب هذه الجماعة وضد الجماعة الأخرى، وتكون عاجزة عن البحث عن الحلول لوضع حد للنزاع العرقي وإرضاء جميع الأطراف.

بما أن النزاع العرقي يعتبر مسألة داخلية، فإن هيئة الأمم المتحدة والتحالف المتعدد الجنسيات، يقتصر تدخلهم ومشاركتهم على بعث وفود السلام لحصر النزاع في حدوده، ويقومون بدور ضعيف في البحث عن الحلول على المدى البعيد. ونفس الشيء يمكن أن يقال عن المنظمات والجمعيات غير الحكومية حيث يكون نشاطها الرئيسي تقديم الإسعاف للاجئين والفارين من أراضيهم، بتوقير لهم المأوى والمواد الغذائية ومعالجة الضحايا.

هل يمكن تحديد نقط ساخنة في المستقبل؟. إن الحاضر هو أصدق منبئ للمستقبل، ولذلك، علينا أن نفترض أن النزاعات العرقية العنيفة ستستمر بإصرار وستمتد إلى جماعات عرقية أخرى في الجمهوريات المستقلة حاليا عن الاتحاد السوفياتي سابقا، وفي جنوب أسيا، وفي البلدان الإفريقية السائرة في طريق النمو وفي أوربا.

في جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابقة، من المحتمل أن يأخذ النزاع أشكالا أخرى. ستستمر المواجهة بين الأقليات العرقية والجماعات التي تشكل الأغلبية مثل الابجاسيين والجيورجيين، وستكون المواجهات بين الجماعات القومية ضد الروس المقيمين في هذه القوميات منذ القرن 18، الذين يحتلون مواقع سياسية واقتصادية حساسة منذ الفترة السوفياتية. ومن المفترض أن تجد نفسها هذه الأقليات الروسية مجبرة على التخلي عن السلطة والاندماج، والبعض الآخر سيكون عليهم العودة إلى روسيا.

أما جنوب أسيا فهو يشهد بدوره اضطرابات عرقية هامة، ومن ضمنها التاميل والسينغال في سيريلانكا، والاساميسيين و"البوذ" في الشمال الغربي من الهند، و"الشاكما" وجماعات أخرى من قبائل بنغلاديش، والسيخ في الهند والباكستان والكاشمير في منطقة كاشيمير المتنازع عنها، والمسلمين والهندوس في الهند، والبيرمانيين وأقليات عرقية أخرى مثل "كارين" و"المون" في "مييانمار". ونظرا للتغيير الاجتماعي الاقتصادي الذي يعرفه جنوب أسيا، وخليط الجماعات العرقية، واحتراف الطوائف السلالية وتعدد الديانات واللغات، كل هذا سيؤدي إلى تصعيد النزاعات للوصول إلى السلطة، والانفراد بالفرص الاقتصادية. وفي 40 دولة إفريقية توجد أكثر من 700 جماعة عرقية، ساكنة إسلامية ومسيحية هائلة في الغرب الإفريقي، وجماعات متعادية ومتنافسة على السلطة السياسية، علينا أن نفترض أن هذه النزعة ستستمر في القارة الإفريقية، وإن كانت هذه النزاعات ليس لها أصول عرقية.

وفي أوربا من المحتمل أن تستمر والنزاعات العرقية العنيفة (الأقلية اللغوية والقومية) بين الدولة والأقليات العرقية، لإصرارها على الكفاح لأجل تحقيق الحكم الذاتي السياسي أو الاستقلال التام. بالإضافة إلى استمرار العنف الذي تغذيه النزعات العنصرية ضد المهاجرين غير الأوروبيين.

وأخيرا، من الممكن أن يستمر العدوان الدائم الذي يعاني منه الهنود الحمر بأمريكا، في الأمازون ومناطق أخرى من طرف أولائك الذين يبحثون عن استغلال الخشب، والمعادن وموارد طبيعية أخرى.

عن : David Levinson

Jefe Enciclopedia de Culturas